30/09/2019 - 20:56

أمراضُ القلب.. أسبابُها وخطورتها وسُبُل الوقاية

هنالك عدة أسباب أدت إلى تراجع حالات الوفاة التي نجمت عن أمراض القلب، أولها زيادة الوعي الجماهيري الآخذ في الارتفاع في كل أنحاء العالم، وبخاصة في دول أوروبا الغربية حيث نجد الغالبية الساحقة تتبع نظاما صحيا وأنماط حياة تشمل

أمراضُ القلب.. أسبابُها وخطورتها وسُبُل الوقاية

خلال فحوصات بمستشفى الناصرة (عرب 48)

صادف يوم السبت الماضي، اليوم العالمي لصحة القلب، وزار موقع "عرب 48" قسم القلب في مستشفى الناصرة (الإنجليزي) وهو أحدث أقسام القلب في منطقة الشمال، ويتألف من وحدة عناية مكثفة ووحدة قسطرة، بالإضافة إلى عياداتٍ خارجيّة، والتقى "عرب 48"، مدير القسم، د. محمد العمري، المتخصص في أمراض القلب، وتحدّث معه حول اليوم العالمي لصحة القلب وسُبُل الوقاية من الأمراض المتعلّقة به، والتطور الحاصل في سُبُل العلاج، سواءً في ما يتعلّق بالقسطرة، أو بالأدوية، أو الحُقَن الحديثة التي أدت إلى تراجُع نسب الوفيات من أمراض القلب بنسبة 35%، بحسب معطيات وزارة الصحة الإسرائيلية.

عرب 48: كيف تُعلّل أسباب تراجُع نسب الوفيات الناجمة عن أمراض القلب؟

د. محمد العمري

العمري: هنالك عدة أسباب أدت إلى تراجع حالات الوفاة التي نجمت عن أمراض القلب، أولها زيادة الوعي الجماهيري الآخذ في الارتفاع في كل أنحاء العالم، وبخاصة في دول أوروبا الغربية حيث نجد الغالبية الساحقة تتبع نظاما صحيا وأنماط حياة تشمل تغذية سليمة، ومكافحة التدخين، وممارسة الرياضة، وزيادة الوعي هذا كفيل بخفض نسب الإصابة بشكل ملحوظ، إلى جانب ذلك طرأ تطور كبير يمكن اعتباره قفزة نوعية في مجال العلاجات سواء بالقسطرة أو بالأدوية، وبخاصة السيطرة على الكولسترول، لأنه سبب أساسي للإصابة بأمراض القلب، وتصلب الشرايين، بالإضافة إلى أسباب أخرى نعتبرها نحن "عوامل خطورة" كأمراض السكري وضغط الدم المرتفع وزيادة الوزن، وإذا كانت هذه الفئة تتبع نظاما وقائيا وتخضع للمراقبة الطبية فإن ذلك من شأنه أن يخفّض من نسب الوفاة، ونسب النوبات القلبية، والجلطات الدماغية، وأمراض الشرايين، وهذا أمر ثابت علميا. كل ذلك يُضاف إلى تقدم العلم واستحداث وسائل العلاج، إذ إن العلاجات اليوم تُقَدَّم للمريض بشكل فوري، دون اضطراره إلى انتظار القسطرة؛ فالأدوية متوفرة، والحقن موجودة، ووحدة القسطرة تعمل على مدار الساعة.

عرب 48: لقد ذكرت أوروبا الغربية ونسب الوعي للوقاية من الأمراض ولكن ماذا عن مجتمعنا العربي المحلي؟
العمري: هنالك وعيٌ أكبر في ما يتعلّق بضرورة اتباع نمط حياة صحي، وأقصد بنمطٍ غذائيٍّ صحي، الابتعاد عن التدخين وتجنُّب السمنة، وتخصيص وقت للرياضة البدنية، ولكن هذا الوعي غير كاف في مجتمعنا العربي، لذلك نلاحظ أن نسبة النوبات القلبية لدى العرب في الداخل تحدث في سن أصغر بعشر سنوات من المعدل العام في المجتمعات المتطورة.

عرب 48: هل هنالك نصائح عينية يمكن أن توجهها للجمهور للوقاية من أمراض القلب؟
العمري: اتّباعُ نظام غذائي صحي، وهو نظام كفيل بإنقاص الوزن أو الحفاظ على وزن مناسب، ولا يؤدي إلى ارتفاع الوزن، هذا بالنسبة للكربوهيدرات أو السكريات التي تُسبب زيادة الوزن. بالنسبة للدهنيات فمنها الضارة ومنها الضرورية للجسم، فعندما نتحدث عن زيت الزيتون مثلا، فإنه صحي، لكن ليس في المقلاة، فإذا وُضع على النار لا يعود صحيا ويصبح مُضرًّا لأن كل زيت نباتي يتعرض لحرارة عالية يتحول إلى "ترانس" وهو كولسترول صافٍ يدخل إلى الجسم، هذه النقطة يجب على الجمهور أن يعيها جيدا فهذا غذاء مفيد يمكن أن يتحول إلى غذاء ضار، بمجرد وضعه على النار، وطبعا اللحوم، وبخاصة لحم الخروف، يجب عدم الإفراط في تناوله، إذ إنه يحتوي على نسب عالية جدا من الكولسترول الضار للجسم، أما بالنسبة للّحوم الحمراء الخالية من الدهن، ففيها بروتينات غير ضارة، لكنها في الوقت عينه تحتوي على نسب عالية من الكولسترول، ونحن لا ندعو لأن يكون الإنسان نباتيا، وإنما أن يتناول هذه اللحوم باعتدال.

عرب 48: متى يتوجب على المريض التوجه إلى قسم القلب، وهل هنالك مؤشرات تسبق النوبة القلبية؟
العمري: طبيب القلب ليس مُعالجًا للنوبة القلبية وما بعدها فحسب، وإنما يمكن التوجه إليه للاستشارة قبل حدوث النوبة القلبية. نحن نحثّ كل الأشخاص الذين فقدوا قريبا من الدرجة الأولى نتيجة نوبة قلبية مفاجئة، أو الأشخاص الذين لديهم أقارب يعانون من أمراض في القلب، أن يتوجهوا إلى طبيب القلب للاستشارة قبل الشعور بأعراض النوبة القلبية، أو الذبحة الصدرية، ونحن بدورنا نجري الفحوص اللازمة ويمكننا أن نُبعِد عنه خطر الإصابة بوسائل وقائية، فأمراض تصلب الشرايين سواء كانت في الدماغ أو حتى في الأطراف؛ يمكن أن تُحدث نوبات قلبية، وكثيرا ما تكون هذه النوبات قاتلة، إذ ما تزال نسب الوفاة نتيجتها عالية، بينما إذا وصل المريض إلى المستشفى، فإن احتمال الوفاة يصبح منخفضا جدا، لأن مجرد وصوله فإنه يحصل على علاج سريع، يتلاءَم مع حالته. كذلك نتوجه إلى الأشخاص الذين لديهم درجة خطورة عالية، كالمدخنين، والأشخاص الذين يعانون من ضغط الدم، أو من السكري؛ هؤلاء يجب أن يكونوا تحت مراقبة طبيب القلب، فالإصابة بأمراض القلب بالنسبة للأشخاص الذين لديهم عوامل خطورة عالية، شبه حتمية، وعوامل الخطورة هذه يجب أن تُعالَج لأن بقاءَها يُعدّ "الوصفة المضمونة" لحدوث النوبة القلبية.

وهنا شدد العمري على ضرورة أن لا يكتفي الأشخاص الذين يُعانون من ضغط الدم المرتفع، والذين يتعاطون الأدوية لخفض معدل الضغط؛ بتناول الدواء على اعتبار أنه "دواء سحري"، بل عليهم أن يحرصوا على قياس الضغط بين الحين والآخر للتأكد من فعالية العلاج وضمان الحفاظ على ضغط دم متوازن وفي حدود الاعتدال، فبعض الأدوية تكون مناسبة لأشخاص معينين لكنها في الوقت نفسه لا تلائم غيرهم وقد لا تأتي بالنتيجة المرجوة، وهذا الأمر ينطبق أيضا على الذين يعانون من ارتفاع بنسبة الكولسترول. وأوضح العمري وجوب تكرار الفحوص، فقد تكون حبة واحدة غير كافية ويحتاج إلى حقنة، مرة كل أسبوعين، وهذه الحقن هي علاج حديث وفعال جدا.

د. داوود قرواني

بدوره، قال د. داوود قرواني، لموقع "عرب 48"، خلال حديثه حول أعراض النوبة القلبية والحالات التي تصل إلى قسم القلب في المستشفى (الناصرة)، إن أشخاصًا يعانون من الذبحة الصدرية، أو ما قبل الجلطة؛ يصلون للمستشفى، وتُعالَج هذه الحالات في عملية القسطرة العادية، التي تُجرى على مدار الساعة، وهنالك حالات تتطلب قسطرةً فوريةً، وعادة ما تكون هذه الحالات أكثر تعقيدا، وبخاصة عندما يكون المريض مُصابا بجلطة، وهذه القسطرة تحتاج إلى مهارة وخبرة لأنها تحمل الكثير من التعقيدات، وقد يترتب عليها عواقب خطيرة كتضخُّم عضلة القلب، أو قد تُحدث ضررا دماغيا، أو غير ذلك.

وعن أعراض النوبة القلبية، ذكر قرواني أنها تختلف عن الأوجاع الأخرى، فإذا أشار المريض إلى وجع في نقطة معينة في الصدر فإنه غالبا ما يُستبعَد أن يكون الأمر عبارة عن نوبة أو خلل يتعلق بالقلب، وإذا كانت تقل حدة الألم مع الحركة والجهد فهذا أيضا مؤشر على عدم وجود نوبة قلبية، أما أوجاع النوبة القلبية فتُصيب مقدمة الصدر، وقد ينتقل الوجع إلى الفك أو الحنجرة أو إلى اليد اليسرى أو كلتا اليدين، ويرافقُ ذلك تعرُّق بارد، دون سبب واضح. ثم يشتد الوجع وقت حدوث النوبة ويزداد التعرق، ويصعب التنفس، ويشعر المريض أنه موشك على الموت. وقد تحدث الجلطة في أوقات الراحة، أو بعد جهد نفسي، أو جهد جسماني. وحين تظهر هذه الأعراض نطلب من المريض أن يرتاح وأن لا يجهد نفسه لأن الجهد قد يضاعف من خطورة الجلطة، ونحن بدورنا نقوم أولا بإجراء تخطيط القلب للمريض، لنرى ما إذا كان يحتاج إلى قسطرة فورية، أو أن الحالة تحتمل الانتظار.

وفي سياقٍ ذي صلة، رأى مستشفى الناصرة أن لا يقتصر يوم صحة القلب على فعالية واحدة، وقام بتوسيع الفعاليات المتعلّقة على مدار أسبوع كامل، بهدف التوعية والتثقيف، نظرا لأن نِسَب الإصابة بأمراض القلب في المجتمع العربي لا تزال مرتفعة مقارنة مع مجتمعات أخرى، أوعى صحيًّا.

محمد سعدي

وقال الممرض المسؤول عن قسم القلب في مستشفى الناصرة، محمد سعدي، إن الفكرة التي أُطلق عليها اسم "من القلب إلى القلب" جاءت بمبادرة طاقم المستشفى من أطباء وممرضين، بالإضافة للمكتب الإعلامي للمستشفى، مُشيرا إلى أنه تم تحويل يوم صحة القلب إلى أسبوع صحة القلب.

وذكر سعدي أن أولى الفعاليات كانت يوم الأحد، وهي فعالية إرشادية في بلدة إكسال، فيما أُقيمَت يوم الإثنين، محطات في المستشفى لفحص الضغط والوزن لطاقم المستشفى وللزوار، موضحا أن كل شخص إضافي يحصل على الإرشاد وينقل هذه المعلومات إلى أفراد بيته، فإن ذلك يُعدّ إنجازا كبيرا بالنسبة للمستشفى.

التعليقات